٩/٣٠/٢٠١١

فانتازيا .. الجزء الثاني


وقد ظننت أن الأرض كانت قد توقفت عن الدوران وقت كنت حبيبي..

وها أنا أشهد جمودها بعدك..

وكأن كل شيء يتوقف بوجودك ورحيلك...


رحلة لم تكن من ضمن تلك الرحل التي تمض أسابيع تخطط وتجهد نفسك لها..
جاءت كصدمة موت..وكفرحة ولادة..
لم أذكر طوال سنين حياتي أن فعل أحد ما فعلته لأجلي..
في ليلة استنفذت فيها كل طاقة بقيت في جسدي ونفسي للحياة..
ركضت كطفل يهرب بخوف..من ذكرياتي....تاركة اعتيادية الحياة..وأجساد بالكاد يسكنها بشر..
نحو البحر..
ظننت أنه بذاك العمق الذي في روايات الأطفال..
وأنه قد يحفظ جميع الأسرار..والأحزان..
ويبقى شغوفا للحياة بالأمواج..وبلحظات الغضب..رغم أثقاله..
وهناك ركضت..علَه يحفظني في أحشاءه..
وأصبح قصة..لن تعيش يوما أو اثنين..بل أصبح قصة لن تموت أبدا..

وعندما وصلت..ممتلئة الدمع..وتسيطر علي رغبة عارمة لإيجاد حياة يحكمها مجانين..
حيث لا عبيد وأسياد فيها..

ولرمل البحر سلمت ذاتي..خائرة القوى..
راكعة كما في أعمق صلواتي..أردد صوت بكائي..

وظننت البحر يسمع...!
لكنه القدر..
فقد جاء بهيئة رجل واقفا جانبي مشعلا سيجارة..
ألقاها وجلس جانبي بكل صمت..
أدركت حينها أنه عطر فنجان القهوة ذاك..
فبدأ دمعي مشاركته الصمت..وأهدأ..
تكلمنا لوقت طويل في ذاك الليل بلغة الصمت..
وتحدثت قلوبنا بنفس نبضات تلك الليلة..
وكأننا عرفنا بعضنا لسنوات..



كان على أحدنا أن يستسلم للكلام.. وكان أنت..
للسخرية..سألتني.. "ما الحياة..؟" 
 انها عيناك سيدتي..بدمعها وضحكاتها..بشرودها وغموضها.. وبلمعة البراءة..وساعات تساؤلاتها.. نعم الحياة عيناك..

ثم صمت..
وأنا بكل ضعفي وفوضى حواسي رفعت عيناي نحوه...
ابتسم لي..
وقف..
وبكل رجولة حملني بين يديه..وأخذ يمشي بي نحو وجهه ما...


لم يكن يهمني أين..
ذاك الدفء الذي غمرني أشعرني بكم البرد الذي كنت أعانيه..
وكالطفلة أغلق عيني على صدره..
وبدأت أشعر بكل خطواته ..أنفاسه..وتناغمها والبحر..
بكل وجودي كإنسان وجدت نفسي أحيا..
وبكل كياني كامرأة وجدت نفسي أحب...


على متن قارب وضعتني..أشعلت المحرك وانطلقت..
ذهبنا للبعيد..
ثم توقفنا في وسط البحر..

اقترب الى جانبي وعلى بعد أنفاس مني سألني.. "أتعرفين من أين يأتون بالماس...؟ "
لم أجب......لربما من شدة الفوضى التى تملأني...
قال : " من أعماق الكهوف المظلمة.."


"وأين تجدين الأمل...؟ "
" أليس في أشد المواقف ظلمة...؟! "

بعدها أشار للبحر..فدنيت لأنظر ما يقصده..
وإذا بالبحر الأسود المعتم يحمل أسماك مضيئة تسير بأسراب في أعماقه بكل مكان حولنا...


........... " وكيف يجد الإنسان نفسه  ؟ "
                          في أحلك أيامه ..سيدتي.....

وفكرت في نفسي حينها..
ما كنت قد استطعت رؤية طبيعة تلك الأسماك وجمالها لولا الليل..
واجتاحتني الدموع. .فأخذني نحوه..
وكل ما أذكره اليوم هو أنت..ونومي.....

يتبع...

ليست هناك تعليقات:

إرسال تعليق