٩/٠٥/٢٠١١

وسط البلد....!


مدينتنا الجميلة.. 
وسط الضوضاء.. الشوارع المكتظة.. الساحات العمارات.. وتلك الأبنية القديمة المترامية في نواحي الظلال..
بعضها حتماً يسكنها بشر.. تلك التي تتزين شرفتها العتيقة بالملابس الممزقة التي قد غسلت وتتنظر نسمات من الهواء لتجفف حقارة أيامها..

أبنية.. كم تمنيت أن ارى الضوء يتسلل خارج نوافذها.. وتنور عتمة تلك النواحي..

أذكر يوماً من شتاء..إجتاحت وسط همساته رائحة الشوارع القديمة.. والكتب المعتقة.. والمقاهي العربية..
وتناحرت في ذاتي رغبة المسير..

يا مدينتنا الجميلة..
مشيت وسط زحامك.. وقررت حينها.. انك تستحقين الكتابة..
في جسدك تضمين المثقلين..
وبؤساء الحظ..
في جسدك تضمين الأغنياء..
وأصحاب الوجود المحظوظ..

وإلى ماذا أرمي.. !!
أهو مجرد يوم قررت فيه أن اصطدم بشغف المشي.. ؟

علي أن أرسم هذه الصورة..
وسط كل ذلك.. مرت قرب أذني لمسة هدوء.. وعم الصمت والذهول أرجاء جسدي..
لطفلة تركض..
بكل خوف.. وتتعلق محتمية فوق صدر امرأة.. تعمل نادلة في إحدى المقاهي..
أُخذت منها كرامة الطفولة..
من امرأة قد تكون والدتها.. تمسك بها وكأنها دمية.. وفي وسطك.. يا مدينتي الجميلة.. أخذت تضربها..

.... تضربها وتجرها في وسط شوارعك يا مدينتي..
وحينها..توقفت كل السيارات.. وصدقاً توقف كل شيء.. حين بدأت هذه الطفلة الباكية.. التي لا تحمل على جسدها غطاء البرد.. وفي قدمها لا تلبس إلا ملمس شوارعك... باشرت بلملمة ما قد وقع منها من نقود وعلبة العلكة الغريبة تلك..
تحني جسدها النحيل بين السيارات.. الفارهة والمعتقة..

وبكت..وضربت.. ثم رحلوا..
وعاد الزحام.. عاد الدخان.. تصاعدت الأبخرة المبعثرة.. وارتفعت الأصوات..
وأتا لا زلت في حالة الذهول..!
مدينتي..لقد نسوا حقوقك.. إغتالوك.. وسرقوا منك أجمل صورك..


كنت قد قررت الكتابة.. عن حقوق طفلة يائسة..ركضت لحضن إمرأة غريبة لتجد مأوى.. 
وها أنا في بيتي الجميل الملون.. أستطعم نهاية نهاري..  وأتخيلها.. في ركن إحدى تكل الشرفات قد تكون جالسة تحلم .. بيوم منصف لحقها.. بيوم خارج عن مجرى واقعها.. بيوم من دمى ملونه تحيطها.. وبيت بعطف يحميها..
وأدركت..أن لا جمعية حقوق من شيء ما قد يلون تلك الصورة..وتعيد لها عمرها الرقيق الذي استنزف في ثنايا الشوارع..
وما هذا كله إلا البداية.. فمنحنى حضارتنا..قد بدأ لتوه بالسقوط..


ولك سلامي...
جمانة المصري...
12- 2- 2010

ليست هناك تعليقات:

إرسال تعليق